إسألوا الحصان

امتَطَى " مَرَوَانُ " حصانَهُ العَرَبِيَّ الجَميلَ ميراثَهُ عنْ أجْدَادِهِ، فهُوَ يعتزُّ ويفتخِرُ بِهِ كَثيرًا، ويتجَوَّلُ بهِ فِي طرقَاتِ
المَدِينَةِ سَعِيدًا؛ لكنَّهُ فُوجِئ " بِكُوهِين " يَقْطَعُ عليه الطَّرِيقَ، ويطلُبُ منهُ أنْ يركبَ معهُ الحصانَ، رَفَضََ مرَوَانُآ بشدَّةٍ؛
لعِلمِهِ بوَقَاحَة كوهين، عنْدَ ذلكَ حَاوَل " كُوهين " بالتَّوَسُّل تَارَةً وبِالإِرهَابِ تَارَةً أُخْرَى، لكنَّ " مَرَوَان " أَصَرَّ على
الرَّفضِ . ابتَسَمَ " كُوهين " ابتسَامَةً خبيثَةً تنُمَّ عنْ حُدُوثِ جَدِيدٍ؟
نظَرَ "مَرَوَان" فوجَدَ أصدقَاءَ " كَوهِين " يتَّجِهُون إليهِ، ومَرَوان وحِيدٌ لا حَوْلَ له ولا قُوَّة.
فجْأَةً قَالَ " كُوهِين " بلهْجَةٍ حادَّةٍ تتقَاذَفُ منْ عَيْنَيْهِ النِّيرَانُ وَيَسيلُ لُعَابُهُ لرغْبَتِهِ في ركُوبِ
الحصَان: " سَأَرْكَبُ معَكَ الحصَانَ"
قَالَ مروان مُتلَعْثِمًا: ستركَبُ حصَانِي ولكنْ بشَرْطٍ، رَدَّآ آ كُوهِين بابتسَامَةٍ سَاخِرَةٍآ آ وهُوَ يمتطِي الحصَانَ : سنتَفَاهَمُ
في ذلِكَ فيمَا بعْد، وركَبَ أمَامَ "مَرَوَان".
في الطَّريقِ قَالَ " كُوهِين " بنَبْرَةٍ لئيمَةٍ:آ آ سأقَعُ، ابتعَدَآ آ قَليلاً
قَالَ " مَرَوان " في ضيقٍآ آ وَغَضَبٍ : حسنًا هل َهَذَا يَكْفِى؟! نظَرَ إلَيهُ نظْرَةً راضيَةً بعضَ الشَّيء عمَّا حقَّقَهُ منْ
مكَاسِبَ، لكنْ عَادَ يُكِرِّرُ الطَّلبَ بصوْتٍ حَادٍ و" مروان " ينفِّذُ طلبَهُ حتَّى اشتعَلَ " مَرَوَان " غيظًا ، وقَالَ بلهْجَةٍ تَحَدٍّ:
لا.. لا.. لا..أنَا لا أَسْتَطِيعُ الجُلُوسَ الآنَ جيِّدًا
في الطَّريقِ وجَدَ " مَرَوَان " أصدقَاءَهُ فطار فَرَحًا ونادَى عليهِم لينقِذُوهُ
مِنْ " كُوهِين"، وحكى لهُم القِصَّة، ارتَعِدَ " كُوهين " خوفًا ورعبًا لكنَّ أصدقَاءَ " مَرَوَان "آ آ اكتَفُوا بتحذيرٍ "
كوهين " بالانتِقَامِ منهُ إنْ فعلَ ذلكَ ثَانِيةً، وجلسُواآ آ يتجَاذَبُون أطرافَ الحديثِ فَيَرْثُونَ لحَالِ " مَرَوَان " مرَّةً
ويتوعَّدُون " كوهين " مرَّة أُخْرَى ويشربُون الشَّايَ.
ابتسم " كوهين " وَقَالَ بخُبْثٍ: " مروان " ما هُو الشَّرطُ الذي كنتَ ستشتَرِطُ عَلَيَّ؟ اغرورَقَتْ عينُ "مروان "
بالدُّموع وقال: كنتُ سأشتَرِطُ عليكَ عندمَا آمُرُكَ بالنُّزول من على حصاني تنزلُ فورًا بدُونِ جِدَالٍ! ضحكَ " كوهين "
وقَالَ مُتهكِّمًا: أمَّا أنَا فلنْ أطلُبَ منْكَ النُّزولَ أبدًا يَا صَدِيقِي، أتَرَى كَرَمِي من كرمِكَ!
بعدَ قَليلٍ قَالَ " كُوهين ":آ آ " مروان " ابتعد قَليلاً سَأَقَعُ منْ عَلى الحصَانِ، وقَدْ أصبَحَ "مروان" يجْلِسُ تقْرِيبًا
على ذيْلِ الحصَانِ، فرفضَ " مروان " بشِدَّةٍ وعنَادٍ فصَاحَ " كُوهين " وقدْ احمَرَّ وجهُهُ: كيفَ ترفُضُ؟
أنزل -إذًا- منْ على حصَانِي ودفعَهُ علَى الأَرْضِ.
قال لهُ " مَرَوَان " مُتعَجِّبًا: حصَانكَ؟!
قالَ " كُوهين ": نَعَمْ حصَاني وحصَانُ أجدَادِي، فصَرَخَ " مَرَوَان " مُستَغِيثًا
قَامَتْ الدُّنيَا وجَاءَ أصدقَاءُ " مروَان " وأصدِقَاءُ " كُوهِين "، وأبرزُ "مَرَوَان " أوْرَاقُ ملكيَّة الحصَان وأظهَرَ
المُستَنَدَاتِ والعُقُود والشُّهُود، وأظْهَرَ " كُوهين " وأصدقاؤه العصي والحَديدَ والنَّارَ، واختَلِقُوا الأكَاذِيبَ والشُّهُود،
واجْتَمَعَ النَّاسُ؛ لمَعْرِفَةِ مَاذَا سيَحْدُثُ؟!
قَالَ " كُوهين " في برُودٍ: أنَا مَالِكُ الحصانِ، وقَدْ ركَبَ " مَرَوان " مَعِي؛ لتوصيلِهِ للمَنْزِلِ والدَّليلُ على ذلِكَ أنَّ "
مَرَوَان " كَانَ يَجْلِسُ عَلى ذَيْل الحصَان تَقْرِيبًا، فإنْ كَانَ ملكُهُ فلمَّاذا يفعَلَ ذَلِكَ؟
وإنْ كَانَ ملكُهُ ولمْ يستطِعْ الحفاظَ عليْهِ، فالحصَانُ للأَقْوَى، حتَّى يستطِيعَ قيادتَهُ.

وقَالَ بصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ: أيُّهَا النَّاسُ سيظهَرُ الحَقُّ الآنَ، ووقَفَ بجانبِ الحصَانِ مبتسِمًا، وأمسَكَ بأُذُنِ الحصانِ، وقال لَهُ:
أنَا صَاحبُك أليْسَ كذَلكَ..؟ فإنْ لمْ أكنْ صاحبُكَ ومالكُك فَقُلْ: لا، ضحك وقال: الحمدُ للهِ، الآنَ ظهرَ الحقُّ، هذا هُو
الحصَانُ أمامكُمْ لَمْ يقُلْ: لا.
وإنْ لمْ تصَدِّقُونِى فاسَألُوا الحصَانَ!.