قصة العنكبوت والنسر

حلق النسر في أعالي الفضاء ، ومر في طيرانه فوق قمم الجبال ثم حط على
شجرة أرز قديمة العهد , وأخذ يجيل الطرف في المنظر البديع الممتد أمام
عينية ، وكان يشرف من عليائة على الغابات المائجة الخضرة ، والأنهار
الملتوية المتعرجة ، والمراعي الواسعه والبراري الفيحاء .
وحمد الله الذي منح جناحية القوة التي تمكنة من بلوغ هذه الأعالي السامقة ،
والتحليق فوق تلك المرتفعات الشامخة ، ومشاهدة روائع الطبيعة ، وجمال الكون .
وسمعة العنكبوت وهو يردد الحمد والشكر ويتحدث بنعمة الله عليه
فقال له : - لست وحدك ياصديقي الذي تتفرد بالتحليق في الأعالي وارتقاء
الذرى الرفيعة . وها أنذا جالس في مكان لا يقل ارتفاعاً وسمواً عن مكانك .
وحول النسر بصرة نحو الناحية التي أقبل منها الصوت فلمح العنكبوت متعلقاً
بأحد أغصان الشجرة الفارغه وقد أخذ يمد نسيجة وينصب شباكه كأنه
يحاول ان يسد مطلع الشمس .
فقال له النسر :- ولكن كيف جئت إلى هنا ؟ لقد ارتقيت مرتقى صعباً ،
وتجاوزت حدود قدرتك ولا طاقة لك على تسلق هذه الأعالي الصاعدة .
وليس لك أجنحة تطير بها ، ومن المؤكد أنك لم تأت الى هنا زاحفاً ، وأنا
لا أجترئ على فعل ما أقدمت عليه.فأخبرني كيف وصلت إلى هنا ؟
قال العنكبوت الأمر هين ، لقد تعلقت بجناحيك ! فأنت الذي حلمتني الى هنا!
وقد استمسكت بذيلك ، ولكني لا أستطيع الاعتماد على نفسي ، ولست في
حاجة إليك ، فلا تتأبه عليّ وتواضع في حديثك معي !.
ولم يكد ينبس بهذه الكلمات حتى هبت عاصفة سريعة هوجاء طاحت
بصاحبنا الفخور المعالي وألقت به في حضيض الوادي ..