حكاية الوردات الثلاث .. بقلم مريم الكرمي
حقوق النشر: مجلة المحب للاطفال ..
كااان يا ما كااان
فى قديم الزمان ...مدينه جميله هادئه ونظيفه
اصدر السلطان فيها امرا غريبا وعجيبا ..ماهو ياترى
..انه امر بعدم زراعه الورود فى اى مكان لا بجانب البيوت ولا امام دكان
امتثل الناس للامر الجديد لان من كان يخالفه يتعرض للعقاب الشديد
مرت الايام والسنين وتعود الناس على عدم وجود الورود وشب الاطفال لا يعرفون ماهى ولا كيف تبدو
حتى ان اهل المدينه لا يرسمونها على اقمشه ملابسهم ولا جدران بيوتهم
كان هناك نوع من الحزن فى المدينه وعلى الوجوه
لم تكن لا العصافير تغرد ولا الفراشات تزورها..
وفى طرف المدينه كان عثمان يلعب مع اصدقائه ويجرى فى ارجاء الشوارع المحيطه بمنزله المتواضع الذى يسكنه مع والديه وجدته
عندما طلبت سيده عجوز منه ان يساعدها فى حمل بعض الاغراض لادخالها الى منزلها الذى يبدو عجوزا مثلها ..
ولان عثمان طيب ومؤدب ...ساعد العجوز وحمل عنها
بعض الاغراض
دخل الى المنزل ووضعها ...شكرته السيده الطيبه ومدت له قطعه حلوى جميله وكبيره وملونه
فرح عثمان بها كثيرا وكاد يقفز فى الهواء وهو يلوح بزراعيه كالعصفور ويشكرها
ضحكت العجوز واهتز ت اكتافها وعندما هم عثمان
بالمغادره اصطدم بأحد الارفف فسقط ما كان عليها وتناثر فى كل مكان
احرج عثمان وراح يحاول ان يجمع ما تبعثر من اشياء
وهو يعتذر للسيده
قالت العجوز لا عليك يا ولدى فقط اجمعه وضع كل ما سقط على الرف فى مكانه ودخلت الى داخل البيت
تابع عثمان لملمه الادوات ووضعها على الرف
كانت بذور قديمه واعشاب وصور غريبه لحشرات ملونه وطيور زاهيه الريش
انهى عثمان عمله واستأذن السيده للمغادره
فى المساء وعثمان يتناول طعامه حكى لامه ما جرى وهى تتحرك هنا وهناك وفجأة عندما قال انه شاهد صورا لمخلوقات ملونه التفت كل من امه وابيه اليه وكفت امه عن الحركه وبدا القلق على وجهها وهى تقول لاتذهب مره اخرى الى هناك
حاول عثمان ان يعترض فاشارت امه بيدها تسكته قائله ليس هذه المره يا عثمان ان الامر جدي
وقالت مؤكده لا تذهب الى هناك مره اخرى
صمت عثمان متبرما واشاح بوجهه ...
ثم بعد برهه رفع وجهه اليهم وقال ماهى تلك الصور
تبادلت امه وابيه نظره خاطفه وقال والده انها صور لعصافير وورود وفراشات
ارتسم الفضول على ملامحه وهو يقول واين هى
قالت امه ليست بالمدينه لقد منعت زراعه الورود ومن ثم غادرت الفراشات والطيور الملونه والمغرده ايضا
واردفت منبهه من الافضل الا نتحدث فى هذا الامر مجددا
واكمل الجميع طعامهم فى صمت
فى سريره الصغير لم يستطع عثمان النوم وهو يتذكر كل ما جرى وصور الدفتر عند العجوز منطبع فى ذاكرته
فقام ووقف ينظر من نافذة حجرته
شعر بالبرد فادخل يديه الى جيوبه فاحست اصابعه بان فيها شيئا ..قبض عليه واخرجه من جيبه وبسط يده فاذا هى ثلاث بذور لامعه
تعجب عثمان وقال لنفسه كيف دخلت هذه البذرات الى جيبى ..ثم تذكر الاناء عندما سقط وتبعثر ما بداخله عند العجوز وقال ..لابد انها من تلك البذور لابد ان اعيدها صباحا اليها
فى الصباح اسرع عثمان الى بيت العجوز القديم ولكنه وجده مغلقا طرق على الباب ولم يرد احد
التفت عثمان وسأل احد الجيران عن السيده صاحبه المنزل ..فقال له لقد سافرت ولا ندرى اين
انصرف عثمان الى منزله ودخل غرفته
وضع البذرات على مكتبه وقال ماذا افعل
...فى اليوم التالى كان عثمان فى حديقه منزله الخفيه يحفر ثلاث حفر صغيره القى بها الثلاث بذور ورواها بالماء قائلا سوف نرى ماذا سوف تنبت
مرت ثلاثه ايام وبينما يتناول عثمان افطاره تذكر ان يرى هل نبتت البذور ام لا
ذهب اليها وانحنى يبحث
فرح كثيرا عندما وجد ان احد البذرات نبتت واخرجت احد البراعم
وباليوم التالى نبتت البذره الثانيه ثم باليوم الثالث نبتت البذره الثالثه
واظب عثمان على رعايتها والاهتمام بها
كان قد مر شهر وهو منشغل بتلك النبتات الصغيره
والفضول يقتله كى يعرف ما الذى سوف تكونه
وفى احد الايام تكون فى قمه النبتات الثلاث ثلاث براعم ..
انتظر عثمان ومع شروق شمس الصباح تفتحت احدى البراعم عن ورده بديعه جميله بيضاء وعندما تفتحت بتلاتها فاح عبيرها فى كل مكان دق قلب عثمان ولاول مره يرى ورده كان سيخبر والديه ولكنه تردد وامتنع
كان فى المساء قد ملأ عبير الورده الفواح كل المدينه واستغرب الناس وتسائلوا من اين تأتى هذه الرائحه الذكيه وبدأت السعاده فوق وجوههم تظهر
ولكن عثمان لم يقل لاحد
وفى صباح اليوم التالى اسرع عثمان الى ورداته وكانت تتفتح ايضا وبمجرد شروق الشمس تحركت البتلات وتفتحت ورده رائعه الجمال حمراء اللون وذكيه العبير
اندهش عثمان واقترب يشمها فاشتعل قلبه بالسعاده
وبينما هو يراقب وردته تلك اذا بفراشه زاهية الالوان تهز جناحيها الرقيقه وتقترب برفق وتحط على الورده
رفع عينيه الى اعلى كان هناك الكثير من الفراشات ترفرف بجناحيها فى السماء
ابتسم عثمان انه للمره الاولى فى حياته يرى هكذا منظر
فى الخارج كانت كل المدينه تتسائل لم يشعرون بكل هذه السعاده ولم عادت الفراشات الى المدينه
نام عثمان وهو يتخيل ماذا عن الزهره الثالثه
استيقظ مبكرا جدا ولمحته والدته وهو يتسلل الى الحديقة الخلفيه للبيت
جلس الى جوار ورداته وكانت الورده الثالثه تهتز وتوشك ان تتفتح والشمس بدأت فى الاشراق
سمع والدته من خلفه تقول ..هذا اذن السر ولهذا عادت الفراشات وارتسمت على الوجوه البسمات
...التفت عثمان كانت امه وابيه متجهمان وايضا كانت جدته معهم
ارتبك وهو يحاول شرح موقفه
ولكنه قال ...امى انها رائعه وليس من حق احد ان يحرمنا كل هذا الجمال من حق المدينه ان تتمتع به لم اقصد ان اكتم عنكم ما حدث ولكنى خشيت الا تفهموننى
اقتربت جدته منه وقالت انه محق
كانت الشمس قد اشرقت وكادت ان تغمر الورده الثالثه
عندما قال ابوه ..يا ولدى لابد من قطع تلك الوردات
سوف تجر علينا المشاكل
اعرف ما تعنيه ولكنها ليست مشكلتنا انت هو اهتمامنا الاول
ولا تناقشنى هل فهمت
طأطأ عثمان رأسه وقال انا احبك ابى ولكنى امنح للوردات الحياه وللسعاده والحب والجمال ايضا
ارجوك اتركها
اشاح والده بوجهه وقال ابتعد واستعد ليقطع تلك الوردات عندها مس ضوء الشمس الورده الثالثه فاهتزت ولمعت بشده وهى تتفتح برقه شديده
فتوقف ابيه وشاهد الجميع ما يجرى كانت الورده تشع بالنور ولونها البنفسجى يخطف القلب
انبهر اربعتهم من ذلك المنظر والورده تهتز وتتمايل
سمعوا تغريد شجي واذا بطائر ملون جميل يطير فوق الوردات ويحلق فى سماء البيت ويغرد هنا وهناك وعشرات مثله يفعلون ذلك
فى الخارج كان الناس يشاهدون الطيور والفراشات وذلك الاريج المنبعث من بيت عثمان ويتسائلون عنه
..هدأ الوالد وقال ..ماذا نفعل كان علينا التخلص من هذه الوردات منذ البدايه نحن لا نستطيع مواجهه السلطان وقواته لا يجب ان نخالف القانون
قال عثمان اى قانون يا ابى يمنع زراعه الورود انه قانون جائر
رد والده ..نحن فقراء وليس من شأننا ان نتحدث فى هذا او نضع القوانين نحن نلتزم بها فقط
لوح عثمان بيديه وهو يشير الى الورد والفراش والطيور الملونه وقال كيف ستمنع كل هذا الجمال ان ينتشر
انتبه الجميع على طرقات شديده على الباب
فزعوا وهم يسمعون حراس السلطان ينادون باسم والد عثمان ويطلبون خروجه فورا
فتح والد عثمان الباب وسلم نفسه اليهم
كان عثمان دامع العينين وهو يراهم يحملون الوردات الثلاث وهن يلمعن ويتمايلن تحت اشعة الشمس وهم يبتعدون بها وتتبعهم الفراشات والطيور المغرده ويفوح حولهم اريجها
حاول الحراس طرد الفراشات والطيور ولكن باءت كل محاولاتهم بالفشل
تبع الناس ذلك الموكب الغريب الى القصر وتحلقوا حوله كى يعرفوا ماذا سوف يحدث
خرج السلطان الى كرسيه ووجهه متورم وعينيه حمراوين ..
اوقف والد عثمان وعائلته امامه
فصرخ بهم غاضبا من منكم احضر هذه المخلوقات المزعجه الى مدينتى ...
اهتز ت جدران القصر وهو يصرخ بهم الا تعرفون القوانين ..سوف انزل بكم اشد عقاب
تقدم عثمان الى السلطان وانحنى له احتراما وقال مولاى ليس الذنب ذنب والدى ..انا من زرع الوردات ولم اخبرهما ..
ارجوك اقتص منى ودع عائلتى
اتجه السلطان اليه وقال ولم فعلت
قال ..مولاى من حق الجميع ان يتمتعوا بجمال الورد والفراشات والطيور
مولاى ادخلت تلك الوردات البهجه الى المدينه
صمت السلطان وقال بعد ان شاهد وجوه الناس سعيده
ولكنى اعانى حساسيه شديده واظن ان آخرين ايضا يعانون مثلى ان الورود مؤذيه
قال عثمان بادب هناك علاج لكل شىء ..وبعد الشفاء تتمتع بجما ل حديقه قصرك سيدى وقد زينتها الفراشات والطيور الملونه والورود المتنوعه
بدا ان الكلام يروق للسلطان ويعجبه منظر الوردات اللامعه وعبيرها الفواح
تطلع السلطان الى حشود الناس التى تنتظر حكمه فى لهفه وبعضهم يهتف يحيا الورد يحيا الورد
قال وهو يلتفت الى مستشاره الذى اومأ اليه برأسه
وقال ..حسنا سوف اعفو عنك لقد كنت تحاول تجميل المدينه خذ ورداتك واذهب ولكن عندما تخرج بذور هاتها الى القصر
قال عثمان مسرعا بل عند بيت السيده العجوز كثير من البذور
خرج عثمان من القصر والناس تهتف باسمه ويحملونه وورداته الى منزله
بعد مده كانت المدينه مزينه بالورود والفراشات والطيور الملونه التى تشدوا
كانت الالوان المبهجه فى كل مكان
على الشرفات وعلى الملابس واشرطه شعر الفتيات