عاقبة البخل
تزوّجت امرأة من تاجر غنيّ ، له محل كبير يبيع فيه القماش والملابس وكان بخيلا جدّا ، وذات
يوم اشترى الرجل دجاجة ، وطلب من زوجته أن تطبخها ليتناول جزءا منها على العشاء ، وبينما
كان الزوجان يتناولان طعام العشاء سمعا طرقا على الباب .... فتح الزوج الباب، فوجد رجلا
فقيرا يطلب بعض الطّعام لأنه جائع ، رفض الزوج ان يعطيه شيئا وصاح به وقال له كلاما قاسيا
وطرده ، فقال له السائل : سامحك الله يا سيّدي ، فلولا الحاجة الشديدة
والجوع الشّديد ، ما طرقت بابك!.
لم ينتظر الرجل أن يكمل السّائل كلامه ، وأغلق الباب بعنف في وجهه ، وعاد إلى طعامه
قالت الزوجة : لماذا أغلقت الباب هكذا في وجه السّائل ؟... فقال الزوج بغضب : وماذا كنت
تريدين ان افعل ؟... فقالت : كان من الممكن ان تعطيه قطعة من الدّجاجة ، ولو اخذ جناحيها
يسدّ بها جوعه ! .. قال الزوج : أعطيه جناحا كاملا ؟! أجننت ؟!. قالت الزوجة : إذن ،
قل له كلمة طيّبة !... وبعد أيام ذهب التاجر إلى متجره ، فوجد أن حريقا قد أحرق كل
القماش والملابس ،.. ولم يترك شيئا ، عاد الرجل إلى زوجته حزينا وقال لها : لقد جعل الحريق
المحل رمادا ، وأصبحت لا أملك شيئا ... قالت الزوجة: لا تستسلم للأحزان يا زوجي واصبر على
قضاء الله وقدره ، ولا تيأس من رحمة الله ، ولسوف يعوّضك الله خيرا ، لكن الرجل قال لزوجته :
اسمعي يا امرأة ، حتى يأتي هذا الخير اذهبي إلى بيت أبيك؛ فأنا لا أستطيع الإنفاق عليك !.
وطلّق الزوج زوجته ، ولكن الله أكرمها فتزوّجت من رجل آخر كريم يرحم الضّعفاء ،
ويطعم المساكين ، ولا يردّ محروما ولا سائلا ... وذات يوم بينما كانت المرأة تناول العشاء مع
زوجها الجديد ، دقّ الباب فنهضت المرأة لترى من الطّارق ورجعت وقالت لزوجها : هناك سائل
يشكوا شدّة الجوع ويطلب الطّعام فقال لها زوجها : أعطيه إحدى هاتين الدّجاجتين ، تكفينا دجاجة
واحدة لعشائنا ، فلقد أنعم الله علينا ، ولن نخيّب رجاء من يلجأ إلينا ، فقالت : ما أكرمك وما أطيبك ،
يا زوجي !. ... أخذت الزوجة الدجاجة لتعطيها السّائل ، ثم عادت إلى زوجها
لتكمل العشاء والدموع تملأ عينيها ...!
لاحظ الزوج عليها ذلك ، فقال لها في دهشة : ماذا يبكيك يا زوجتي العزيزة؟... فقالت:إنّني
أبكي من شدّة حزني !. فسألها زوجها عن السّبب فأجابته : أنا أبكي لأن السّائل الذي دقّ بابنا
منذ قليل ، وأمرتني أن أعطيه الدّجاجة ، هو زوجي الأول !.
ثمّ أخذت المرأة تحكي لزوجها قصّة الزوج الأول البخيل الذي أهان السائل وطرده
دون أن يعطيه شيئا وأسمعه كلاما لاذعا قاسيا ...
فقال لها زوجها الكريم:يا زوجتي ، إذا كان السّائل الذي دقّ بابنا
هو زوجك الأول فأنا السّائل الأول !.