علي ولد مشاكس طويل اللسان واليد، يحب المشاكل ويسعى لها.. أراد والده أن يعلمه درساً
في فن التعامل مع الناس، وأعطاه كيساً مليئاً بالمسامير وقال له:
- خذ يا علي هذه المسامير واطرق مسماراً واحداً في سور الحديقة في كلّ مرة تفقد فيها أعصابك!!
أخذ علي بنصيحة والده وأخذ يدق المسامير في سور الحديقة كلما تشاجر وفقد أعصابه، وفي نهاية
الأسبوع تفاجأ بعدد المسامير الكبير التي طرقها في السور، وقرر أن يتحكم بنفسه أكثر ويضبط
أعصابه. بعد شهر من الزمن ذهب علي إلى والده فرحاً يخبره أنه لم يطرق ولا مسمار
منذ أسبوع. فرح الأب كثيراً وأثنى على ولده شجاعته وحبّه لتغيير نفسه، ثم قال له بحب:
- أريدك – يا بني- أن تخلع كل مسمار طرقته في سور الحديقة عن كل يوم مسكت فيه أعصابك
ولم تتفوه بكلمة نابية أو أي سلوك مزعج للآخرين!!
ومرت الأيام وعليّ يحاول أن يسيطر على أعصابه حتى خلع كل المسامير من على السور،
وأحضر والده ليرى السور نظيفاً من كل شيء.. وضع الأب يده
على كتف علي مسروراً وقال وابتسامة حلوة على محياه:
- انظر يا علي إلى هذه الثقوب التي تركتها في السور، وكذلك تصرفك مع الناس..
فعندما تحدث بينك وبين الآخرين مشادّة أو اختلاف فأنت بسوء تصرفك وبذاءة لسانك تترك
في أعماقهم جرحاً لا يندمل مثل هذه الثقوب التي تراها ولا تستطيع إخفاءها...
واعلم يا بُني أن جرح اللسان أقوى من جرح الأبدان!!!
أطرق علي رأسه إلى الأرض خجلاً وهو يقول:
- أعدك يا أبي الغالي أن لا أعود إلى مثل هذه التصرفات المشينة أبداً، وأن أكون مثال
الشاب المؤدب الذي يحترم آراء الآخرين ويتقبل أقوالهم واختلافاتهم..