
كان يا مكان في قديم الزمان و سالف العصر و الأوان، ملك اسمه برهان يعيش في أمان،
متزوج بامرأة اسمها نورهان لم يرزقها الله فتيان
و في أحد الأيام دخل عليها زوجها ، فوجد زوجته صاحبة الجلالة تبكي من شدة الألم وكثرة الأحزان ،
فعرف سبب حزنها الذي مآله الحرمان
عاشت نورهان محرومة من بنت أو ولد ، و قد كان يظن أن المشكلة قد طواها النسيان ،
لكن زوجها تألم كثيراً و صار بين أفراد حاشيته مريضاً ، مهاناً
رفع يديه داعياً ربه في كل صلاة : اللهم ارزقها بمولود بهي الطلعة محبوب و ولهان يكون أميراً أو
أميرة لهذا البلد ، اقترب منها و ربت على كتفيها و قال لها
: هون عليك يا زوجتي فالله سبحانه على كل شيء قدير، و قد يأتي اليوم الذي يعطيك الله من خيره الكثير
مسحت دموع عينيها و نظرت لزوجها الملك الملتاع الصابر، و بابتسامة خفيفة ردت عليه قائلة :
ونعم بالله يا مولاي برهان
سمعت القطة ما جرى بينهما من حديث ، فرقت لحالها و قررت أن تجلب لها نبتة تساعدها على الإنجاب
وبعد أيام لاحظت المرأة غياب القطة من القصر فسألت زوجها برهان : هل رأيت القطة ؟
فرد عليها: لم أرها منذ فترة ، أخشى أنها أصيبت بسوء ؟
قالت : مسكينة هذه القطة ، إنها تشعر بي و عندما اختلي بنفسي و أتذكر معاناتي و أبكي ،
أحس بها و كأنها تواسيني
لكن ، ذات يوم عادت القطة و معها نبتة، جاءت بها من البراري
في الحقيقة ، نورهان لم تفهم أي شيء، أخذت من فمها النبتة وتركتها جانبا ، وحمدت الله على
سلامة قطتها
عرضت النبتة على الملك برهان ، وعندما رآها تعجب وبدأ يسأل نفسه: قد تكون هذه النبتة تحمل سراً.
فقرر استدعاء كبار المشايخ من الخبراء للكشف عن سر هذه النبتة و انتشر الخبر بين أهل مملكته ،
و أصبح الملك حزيناً ،لأن لا أحد تفطن إلى سر النبتة وفي يوم من الأيام سمع شخص فقير يسكن
وحيداً في جبل بعيد خبر النبتة ، فقرر أن يقابل الملك برهان ليكشف عن سر النبتة
وعندما وصل إلى باب القصر طرده الحراس، لأنهم لا يعرفونه و ظنوا أنه لص متحيل ، فقد كان الرجل
يلبس لباسا رثة وحافي القدمين وممسكاً بعصا فرجع من حيث أتي
وفي اليوم الموالي جاء من جديد إلى باب القصر ،و كالعادة الحراس منعوه ، وفي اليوم الثالث جاء أيضا
إلى القصر ، فأخذ يصيح بصوت عال : أريد مقابلة جلالة الملك برهان ... أريد مقابلة الملكة نورهان
سمعت الملكة صوت الرجل و هو يصيح، فطلبت من الحراس أن يسمحوا له بالدخول
فتحوا له الباب على مصراعيه، و دخل الرجل إلى داخل القصر و استقبلته زوجة الملك و سألته ما حاجتك
أيها الرجل ؟ قال سمعت يا مولاتي بخبر النبتة فجئت لأكشف لكم سرها
صحيح أنا رجل فقير و ضعيف ، و لكني أعرف أسرار النباتات . و إن لم أفلح في الكشف
عن السر فأنا مستعد لأي عقاب ينتظرني
أمرت الملكة نورهان أعوانها بأن يأخذوا الرجل إلى الحمام و يجلبوا له لباساً جديداً أنيقاً
وأن يقدموا له طعاماً شهياً و يعتنوا به
و في الغد يأتون به إلى جلالة الملك برهان لكي يبدأ عمله في كشف سر النبتة
وفي المساء تحدثت المرأة مع زوجها الملك ،و أحاطته علما بهذا الرجل الفقير التعبان ،
الذي جاء خصيصا لكشف سر النبتة و وافق برهان على استقباله
كانت القطة سعيدة لما حدث من تطور، في شأن النبتة التي جلبتها من البراري، والتي لها شأن كبير
لتسعد عائلة الملك برهان .لاحظ الملك ذلك و قال لزوجته: ألا ترين أن القطة فرحة بنا بعد غيابها عن القصر ؟
قالت الزوجة: صحيح لقد انتبهت لذلك ، فهي جد مسرورة و كأنها تريد أن تدخل البهجة علينا
بات الملك ليلته يفكر في موضوع النبتة ، و زوجته نورهان هي الأخرى تفكر في هذا الرجل الفقير
و هي تتساءل هل ينجح في فك رموز هذه النبتة و كشف سرها ؟
ومع إشراقة يوم جديد ، نودي على الرجل لمقابلة حضرة الجلالة الملك برهان،
و البدء في كشف سر النبتة
فرح الملك به و قال له : عليك أن تكون صادقاً و أميناً و لا أريدك أن تفشل كغيرك ففيهم من قال لي إنها
نبتة عادية لا تصلح لشيء و فيهم من قال لي إنها نبتة تجلب الحظ و لكن أقوالهم تنقصها دلائل و براهين
... لذلك أطلب منك أن تكشف لي سرها و تقنعني و إلا فسوف أغضب
انحنى الرجل أمام الملك احتراماً ، و بدأ يتأمل في النبتة و يقلبها و الملك يتابع بنظراته الثاقبة كل
حركة يقوم بها الرجل ، الذي لا يعلم شيئاً عن زوجته و لا عن القطة التي جلبت النبتة
ثم تبسم الرجل و رفع رأسه لحضرة الملكة نورهان و قال لها : ابشري سيدتي
ثم التفت نحو الملك برهان و قال له : يا جلالة الملك دام ملكك ، السعادة ستدخل قلبك بعد صبر طويل !
الآن عرفت أن النبتة جلبتها قطة ... فرد عليه الملك : و كيف عرفت ذلك ؟
قال : تنبعث من هذه النبتة رائحة قطة ، رجاء أن تأتوا بها إلي
اندهش الملك برهان كيف عرف السر و تعجب و تيقن أنه صادق في أقواله ، و طلب من أعوانه
جلب القطة فوراً ، جلب أعوان القصر قطة زوجة الملك نورهان ،
وقال لهم الرجل : اسمعوني جيدا إن هذه القطة هي التي ستكون سبب سعادة جلالة الملك برهان
و الملكة نورهان ، فرد عليه الملك قائلا : كيف ؟
قال : إنها جلبت لكم " النبتة العجيبة " نادرة الوجود ، جلابة السعود
قال الرجل : بفضلها يا مولاي سترزق الملكة نورهان بمولودة بهية الطلعة إذا أخذت أوراق النبتة
و أكلتها و بإذن الله ستكون حاملاً في يومين على شرط أن تدهن رأس القطة بزيت النبتة كل صباح طيلة
مدة الحمل ، فقالت زوجة الملك : و من أين لي بزيت النبتة ؟
قال الرجل : لا عليك و لا تقلقي
خذي أوراق النبتة لتأكليها ، و بالنسبة لزيت النبتة سأجلبه لك غدا من الجبل ، فرح الملك فرحاً كبيراً
و عانق الرجل ، و حمد الله على هذا الخبر المفرح و قال له : اذهب الآن وعد لنا بزيت النبتة و ستبقى
تعيش بيننا و أعينك وزيراً .. لكن الرجل قال : سأجلب لمولاي زيت النبتة ، و لكني لا أقبل أي منصب
إلا عندما تلد زوجتك المصونة حضرة الملكة و تأتي بصبية ، و بشرط يا مولاي ستسميها بدرية
وافق الملك برهان على طلبه و قال سأسميها : بدرية و سأكون عند وعدي
أخذت زوجة الملك أوراق النبتة و أكلتها أمام الرجل ، ثم ذهب في حال سبيله و عاد بعد يومين
ومعه زيت النبتة و فعلت الملكة نورهان كما قال لها الرجل
و أخذت الزيت و مرت الأيام وإذ بالمرأة حامل، فبشرت زوجها الملك الذي طار عقله من الفرحة،
وبدأ يرعاها ولا يدعها تعمل شيئاً، والقطة تلازمها وتعتني بها و تمسح رأسها بزيت النبتة كل صباح
حتى وضعت بنتاً كالبدر، و سمتها " بدرية " ففرحت بها وربتها، إلى أن أصبحت صبية جميلة ليس
لجمالها وحسنها مثيلاً في البلد، أما القطة فقد ماتت و زوجة الملك حزنت على فراقها
أما الرجل الذي كشف سر النبتة فقد أصبح أمير البلاد يدير شؤونها وتزوج ابنة الملكة نورهان
" الأميرة بدرية " والملك برهان تقدم في السن و أصبح عاجزا ، و لكن السعادة دخلت قلوب الجميع
هكذا يا أصدقائي الصغار، تنتهي القصة بزواج الرجل ببدريه أميرة البلاد