
عاش فرسُ نهر صغير في بحيرة زرقاء وسط غابة كثيفة الأشجار وقد كان صديقنا فرس النهر ينظر
إلى نفسه في المرآة ويقول في كلّ مرّة :
- كم أبدو بشعاً بفمي الكبير ، وذيلي القصير ، وجسدي الضخم !
وبما أن فرس النهر الصغير غير راض عن شكله قرر ذات يوم أن يكون حمار وحش جميل ،
فرسم خطوطاً سوداء على جسمه وخرج يمشي في الغابة متبختراً ، فتهامست عليه الحيوانات
ساخرة وقال القرد ضاحكاً :
- لم أر في حياتي فرس نهر مخطط !
شعر فرس النهر بالإحباط فعاد إلى البحيرة مكتئباً ، وبعد مضي أيام قليلة أراد فرس النهر أن
يكون فهداً صيّاداً ، فدهن جسمه باللون الأصفر وزينه ببقع سوداء وخرج إلى الغابة بثقة
وهو يقفز كالفهد الرشيق ، فاجتمعت الحيوانات متعجبة فاقترب ثعلبٌ ماكرٌ من فرس النهر
وقال له مستهزئاً :
- فهدٌ سمين بذيلٍ قصير ، يا له من منظر مضحك ، ما رأيك يا صاحبي أن تعمل مهرجاً في السيرك ؟!
هذه المرّة ركض فرس النهر والدمع يسيل من عينيه وقفز في البحيرة مختفيّاً ، وبعد مرور أسابيع عديدة ،
خرج فرس النهر من البحيرة وقد وضع على رقبته ما يشبه لبدة الأسد ليبدو كسيد الغابة حيث لن يجرؤ
أحدٌ على السخرية منه ، وهذه المرّة طارت بومة من فوق فرس النهر وقالت مخاطبة حيوانات الغابة :
- مبروك علينا ملكنا الجديد صاحب الأرجل القصيرة !
عندها ضحكت جميع الحيوانات من فرس النهر ، فالأسد عندما يخرج متجولاً في الغابة ترافقه ثلة من
النمور والفهود فتختبئ حيوانات الغابة خائفة لدى مرور موكبه العظيم ، حينها أدرك فرس النهر أنه عليه
الغطس في البحيرة حتى لا يسمع سخرية الحيوانات لحقت سلحفاة مسنة بفرس النهر
فوجدته يبكي فقالت له مواسيّة :
- لا تحزن يا صغيري الضخم ، فأنت خُلقت لتكون كبيراً وعليك أن تعتز بكونك فرس نهر جميل ،
فلا تقلد غيرك من الحيوانات ، لأن الجمال الحقيقي يسري في قلوبنا !
نظر فرس النهر مجدداً إلى نفسه في المرآة فلمعت عيناه ، ورأى نفسه مختلفاً عن المرّات السابقة ،
فهو صحيحٌ كبير وذيله قصير و لكنه يملك قلباً طيباً ويحب مساعدة الجميع ،عندها قال فرس النهر للسلحفاة:
- لن أخجل من نفسي بعد اليوم لأنني فرس نهر جميل !.
وخرج فرس النهر بعدها يمشي في الغابة ، فلم تسخر منه الحيوانات ، لأنه كان فرس نهر حقيقي ! .